Wednesday, 14 September 2011

أدوات الإضاءة في مصر الإسلامية

أدوات الإضاءة قديمة قدم نشوء الحضارات الإنسانية. فقد احتاج البدائيون للإضاءة لشق غياهب الظلام، وقد ازدهرت صناعة أدوات الإضاءة في مصر الإسلامية وتطورت طبقاً للتطور العام للتقنيات الموجودة من ناحية، وتطور المنشآت والأغراض المستخدمة فيها هذه الأدوات من ناحية أخرى. ويحفل الدليل الآثري كما تحفل المصادر التاريخية بالعديد من البيانات عن تطور هذه الأدوات. ويمكن أن نقسم أدوات الإضاءة إلى نوعين أساسيين: الطبيعي والصناعي.

أسلوب الإضاءة الطبيعي:

ويعتمد هذا الأسلوب على العنصر المعماري نفسه في المبنى، حيث يخطط بحيث يسمح لضوء الشمس بالنفاذ إلى المنشأة عن طريق الأفنية أو الصحون المكشوفة، كما يلاحظ في جامع عمرو بن العاص وجامع أحمد بن طولون. كما ينفذ الضوء عن طريق الشبابيك الجصية والزجاجية المفتوحة التي تسمح بنفاذ الضوء داخل الوحدة المعمارية. كما لجأ المعمارية إلى استخدام الشبابيك والنوافذ في رقبة القباب لإدخال الضوء أيضاً داخل المنشأة. وإمعاناً في إضفاء مزيد من الجمال على الضوء النافذ للمنشآت، عمد المعماري إلى تحلية الشبابيك والشمسيات والقمريات بالزجاج الملون، مما أضفى مزيداً من الجمال والحيوية على عملية الإضاءة نفسها كما يُشاهد في القبة الضريحية لمدرسة السلطان حسن.

أسلوب الإضاءة الصناعي:

وتستخدم هنا أدوات إضاءة صناعية خاصة بالليل، وليلاً ونهاراً في الأماكن التي لا يصل إليها الضوء. كما استخدم بغرض الزينة في أوقات الاحتفالات والمناسبات. ومن أقدم ما عرف من أدوات الإضاءة المسارج الفخارية. وقد تعددت أشكال هذه المسارج وتنوعت زخارفها في العصر الفاطمي، فكانت مزينة بزخارف هندسية من الخارج وكانت تستخدم من الداخل لوضع الزيت والفتيل. ولقد كان في الفسطاط سوق خاص سمي بسوق القناديل لصنع المصابيح والقناديل الزجاجية. وقد رأه الرحاله ناصرى خسرو وقال عنه "لا يُعرف سوق مثله في أي بلد وفيه كل ما في العالم من طرائف"، حيث حرص الفاطميون على تزويد الجوامع والمساجد، مثل جامع عمرو والأزهر والحاكم، بهذه المصابيح خاصة في الأعياد والمواسم.

كما يحكى أن الحاكم بأمر الله أهدى جامع عمرو تحفة فضية عظيمة اشتملت على 700 مصباح، بحيث اضطروا إلى هدم أحد أبواب المسجد لتركيبها. كما استخدمت الشموع في أدوات الإضاءة، حيث ازدهرت صناعة الشمع في مصر الإسلامية. كما صنعت الشماعد من النحاس منذ فجر الإسلام في مصر، ويرجح أنها كانت تستخدم في المنازل والقصور. وكان محمد بن طغج الإخشيد يخرج ليلاً ويوقد الخدام بين يديه الشموع للإنارة. وكان لسوق الشموع رواج عظيم في بداية رمضان في عصر الفاطميين، إقبالاً عليه لاستخدامه في الإضاءة.


وكان زيت المصابيح يستخدم من زيت بذور الفجل واللفت، ويسمى بالزيت الحار. ولذلك غلا ثمن هذا النوع عندما أمر الحاكم بأمر الله بإضاءة جميع الدور والأزقة والحوانيت ليلاً. ومن أبدع ما أنتجه فنانو العصر المملوكي، قناديل زجاجية كان السلاطين والأمراء يأمرون بصنعها لتوضع في المساجد، حيث صنعت من الزجاج المموه بالمينا والذهب وقد تميزت بشكلها الخاص وعرفت باسم المشكاوات.


تعتبر المجموعة التي عثر عليها بمدرسة السلطان حسن هي الأكبر. بالإضافة لتطور صناعة الشماعد والتنانير النحاسية في العصر المملوكي، وضخامتها بحيث كانت تتألف من عدة دورات كان يعلق بكل دورة منها مجموعة من المصابيح الزجاجية وتربط هذه الدورات عن طريق سلاسل.

No comments:

Post a Comment